حفلة عيد ميلاد..
و انا في خامسة ابتدائي كانت لي صديقة، وحيدة باباها بيشتغل في الخليج، و تصادف انه متواجد في الشهر اللي فيه عيد ميلادها ، و عايز يفرحها و يعوضها عن عدم تواجده المستمر… وقفت صديقتي عند السبورة قبل ما ننزل الفسحة ، و قالت و هي الفرحة بتنط من عيونها ، “انا عاملة عيد ميلادي الأسبوع اللي جاي في فلسطين ، يوم كذا… الساعة كذا….. و كل الفصل معزوم، عايزين نعمل حفلة كبيرة “.
كل الفصل فرح و صرخ وهلل الا انا ، لاني استغربت اوي من اللي قالته ، واتكلمت بكل ثقة ” يااااااة حتسافري مخصوص علشان تعملي عيد ميلادك في فلسطين؟؟ “، ساعتها كلهم ضحكوا علي ، و ردت عليا دة فندق يا بنتي في المنتزة، معلش اصلي كان اخري “ومبي بتاع الهامبورجر”…..فاكرينه؟؟؟؟
افتكرت القصة دي امبارح، و انا قاعدة مع ابني اللي في اولي ابتدائي ، عيد ميلاده الشهر دة و هو بيقولي بكل قوة و زعل !!!! -“مااااامي مش حعمل عيد ميلادي في البيت تاني ابداً ، انا عايز الكلاس كله و صحابي اللي في التمرين يحضروه السنه دي.”
حبيت استفسر و اعرف ايه الي بيدور في دماغه ، فقلتله ” تحب نعمله في النادي اهو مكان واسع و اعزم اللي انت عايزه فيه !!!”
-رد عليا بسرعة بدون تفكير ،”النادي؟؟ سوري يا مامي بس العيد الميلاد في النادي مش ستايل خالص…. فإقترحت عليه بكل عوجان و ثقة ، خلاص يا سيدي نعمله في ماكدونالدز مبسوط كدة اكيد ؟؟”
-رد بكل سخرية …. يااااااةةةةة، يا مامي دة انتي قديمة اوي!! تحمست اكتر للحوار ، و حبيت اعرف من ابني اللي ما طلعش من البيضة ايه هو الجديد ، فسألته طيب تحب نعمله فين يا فندم؟؟ -قالي في مكان كذا…زي عمر، او كذا….زي علي، او كذا….زي ندي!!!!!
في ثواني اتصدمت من طريقة الكلام ، و اسامي الأماكن الي ذكرها وبسرعة لاقيت نفسي بقوله، عرفت منين الحاجات دي يا ابني ؟؟؟ -رد عليا بكل بساطة في ايه يا مامي، اصحابي حكولي و اتفرجت علي الصور … ما هو حضرتك مش بتوافقي توديني!!!!! و كمل رغي ، انا عايز تورتة علي شكل ملعب كرة القدم ، و نشتري هدايا لعب لاصحابي، وطبعا الساحر و دي جي و نرسم علي وشنا و طلبات كتيرة اوي مش فاكراها.. كل اللي فاكراه ، كان كل اللي يرضينا مجرد تورتاية صغيرة و شمع و حبت بالونات و طراطير ، و نجري ورا بعض حولين السفرة….
الحقيقة اللي استوعبته من هذا الحوار الشيق، ان فرق الاجيال بينا و بين اولادنا رهيب ، و لو حصل مقارنة حتكون ظالمة للجيلين !!!!
بس في نفس الوقت لا يكلف الله نفسا الا وسعها ،و رغم اني مقتنعة ان دي رفاهية و دلع بزيادة ، اخدت جنب كدة و حسبتها حسبة سريعة بدون دخول في تفاصيل . حفلة العيد الميلاد المتوسطة حتعدي التلات الاف جنية مرتاح ، و مش حكون حققتله اللي نفسه فيه .. بس الي كنت متأكدة منه ، اني مهما عملت عيد ميلاد يسعده محاولة مني لارضاءه ، عمره ما حيرضي لان دايما في الاحلي والاشيك ، و للاسف بيشوفه و بيعرفه اسرع مما اتخيل.
الاكيد بقي انه بمجرد ما ينام و يصحي ، حينسي الحفلة بتكلفتها بهداياها الي جمعها من كل اصحابه ، و اول ما يفتح عيونه حيقولي فين هدية عيد ميلادي يا مامي ؟ انتي ما جبتليش هدية يلا بينا!!!!!
بعد حدوتة عيد الميلاد ،توقفت عند سؤال دار في دماغي و محتاجة اجابة ، هل اهلينا عرفوا يربونا علي الرضا و القناعة و ما نبصش لغيرنا ، و احنا الي فشلنا في دة مع أولادنا ؟ و لا ثقافة المجتمع حوالينا هو الي بقي تأثيره أقوي من دور الاسرة علي اولادنا؟؟