الهجرة النبوية من مكة الى المدينة :
مكث رسول الله (ص)فى بداية الدعوة ثلاث عشرة سنة ، يدعوا الى الله الواحد الأحد ، والى دين الاسلام فلم يجد من صناديد كفار مكة الا التكذيب والعذاب لاصحابه ، حتى ان كفار مكة حاصروا العدد القليل الذى أسلم مع رسول الله فى شعب من شعاب مكة ثلاث سنوات ، لا يبيعونهم شيئا ولايبتاعوا منهم ، ولا ينكحونهم ولا يستنكحوا منهم ، ولا يكلمونهم .. حتى اكل المسلمون مع رسول الله اوراق الشجر من الجوع.. وقد توفيت السيدة خديجة اثناء هذا الحصار.
وانتهى الحصار وظل الكفار على عدائهم للاسلام والمسلمين ، وضاقت علي المسلمين الارض بما رحبت ، وأصبح الرسول (ص) بعد ان يئس من صناديد الكفر بمكة مشتاقا ان ياذن الله له بالهجرة الى بلد اخر ، يدعو فيها الى دين الله لعله يجد فى صدور اهل هذا البلد قبولا لدعوته وهداية الى دين الاسلام…. و بعد الالم والمعاناة والتكذيب والصبر عليها املا فى هداية اهل مكة للاسلام دون نتيجه أنزل الله (س) عليه الاية الكريمة (وقل ربى أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مُخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا) ومن احق بنصر الله وتاييده من رسول الله(ص)
واذن الله لرسوله والمسلمين بالهجرة من مكة الى المدينة (يثرب) فاذن الرسول فى الهجرة لاصحابه سرا الى المدينة ، ( وكان ذلك بعد بيعتى العقبة الصغرى والكبرى بين الرسول وبعض من اهل المدينة الذين كانوا يتوافدون على مكة فى مواسم الحج ايام الجاهلية واللتين مهدتا للاسلام عند اهل المدينة)
واستبقى الرسول معه عليا بن ابى طالب ، وابا بكر الصديق ، وبقى الرسول بمكة بعدهجرة اصحابه الى المدينة يعد لهجرته فى سرية تامة ، ليكتب لها النجاح .. لان مشركى مكة سيمنعوه من الهجرة حتى انهم تامروا على قتله قبيل الهجرة ، وانجاه الله منهم ثم اتخذ الرسول أسباب نجاح هجرته فكتمها عن كل الناس ، الا عن الذين كان لهم دور فى انجاح واتمام هذه الهجرة :
- فكان أولهم سيدنا أبوبكر وهو رفيق رسول الله (ص) فى الهجرة.
- على بن ابى طالب وهو من نام فى فراش الرسول ليلة الهجرة ، ليلة ان تآمر الكفار على رسول الله . وانتظروه على باب بيته ليقتلوه ويتفرق دمه بين القبائل ، وهو من رد وائع اهل مكة التى كانت عند رسول الله الى اصحابها بعد هجرة الرسول .
- دليل الطريق الى المدينة العالم بمسالكه عبد الله بن أريقط (وكان مازال مشركا) و أتمنه الرسول على هذا الامر الجلل ، وبذلك ضرب الرسول مثلا فى اسناد الامر الى اهل الخبرة لا الى اهل الثقة.
- وكذلك السيدة اسماء بنت ابى بكر التى كانت تقوم باحضار الطعام الى الرسول وابى بكر فى الغار، فى اول ايام الهجرة .. وتنقل لهما انباء اهل مكة وتحركهم لاجهاض الهجرة .
- واخيرا فهيرة مولى وراعى غنم ابى بكر الذى كان يمشى بالغنم ، فيزيل بها اثار اقدام هؤلاء جميعا ، ليشتت اهل مكة اذا بدؤا فى طلب الرسول وصاحبة .
- حتى اذا حان وقت الهجرة خرج الرسول وصاحبه من باب خلفى بعيدا عن اعين الناس ، وفى بداية الامر لم يخرجا فى اتجاه المدينة ، لان هذا الطريق سيسلكه المشركون بحثا عنهما بل خرجا الى الطريق المعاكس جنوبا فى اتجاة اليمن امعانا فى تضليل المشركين …
ونظر الرسول الى مكة متالما وقال” انك لأحب بلاد الله الى الله واحب البلاد الى ّولولا ان اهلك اخرجونى منك ماخرجت. ” …
.لقد استحضر رسول الله كل اسباب النجاح السابقة ليكتب للهجرة النجاح ثم توكل على الله (ومن توكل على الله فهو حسبه) ، و بقى الرسول وصاحبه مختفيان عن انظار المشركين ثلاثة ايام فى غارثور ياتيهما الطعام والشراب واخبار مشركى مكة عن طريق اسماء بنت ابى بكر ، والمشركون َيَجدّون فى طلبهما .. ولكن هيهات ان يجدوهما بعد ان اتخذ الرسول كل اسباب نجاح الهجرة وأحاطه الله بعنايته ورعايته ليتم النجاح لهذه الدعوه فى بلد اخر غير مكة …
الهجرة خرجت بالأسلام من حصار اهل مكة ومشركيها ، الى الانتشارفى المدينة المنورة واهلها ، الذين شرح الله صدورهم للاسلام ، ثم انتقلت الدعوة الى الجزيرة العربية ، وسائر البلاد بعد ذلك .
(بسم الله الرحمن الرحيم –الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثانى اثنين، اذهما فى الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ، ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى*وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم _ صدق الله العظيم )
دروس مستفادة من الهجرة النبوية من مكة الى المدينة :
1-دراسة الامور جيدا والاستعانة بالسرية و الكتمان فى قضاء الامور لتكلل بالنجاح .
2- حسن اختيار الرفيق.
3- تفضيل اهل الخبرة على اهل الثقة .